ينظر المعالج الأسري الأدلري إلى تشكيلة الأسرة على أنها وصف للكيفية التي يتخذ بها كل فرد مكانا ضمن المنظومة الأسرية … إن الفحص النموذجي لتشكيلة الأسرة يمكن أن يبدأ بطلب المعالج من الوالدين وصف كل واحد من أبنائهما. هذه التوصيفات غالبا ما تكشف كلا من تأثيرات رتبة الميلاد والطريقة الخاصة التي كيف بها الطفل سلوكاته لأجل تبني أو تحدي ما هو هام عند الوالدين. ويستخدم العديد من المعالجين الأدلريين الرسوم لتشكيل صورة هندسية لمنظومة الأسرة. يمكن إحراز منظور ظواهري إن طلبنا من أفراد الأسرة (خاصة الشخص المحوري، أو الذي قدمته الأسرة على أنه صاحب الصعوبات) تقديم ثلاث توصيفات لكل شخص في الرسم الهندسي.
كان أدلر (1932) قد أشار إلى أن توصيفات أفراد الأسرة تكشف مقولة حول الذات ضمن علاقات متعددة. قال أدلر: “… لا توجد سمة طبع ليس لها علاقة مع الآخرين. عندما يقول المفحوص “كان أبي طيبا” فمعناه أنه “كان طيبا معي”؛ وعندما يقول أن أمه كانت منتقدة فالفكرة التي يمكن أن تخطر هي أنه يحاول أن يبقى بعيدا عن أمه”… من جهة أخرى، النعوت المستخدمة للإخوة تتطلب معرفة علاقة الشخص بكل واحد من الإخوة. إن قال أحدهم الإخوة “أختي سعيدة ومنجزة ومثيرة للإعجاب” فذلك لا يفيد المعالج إلا إن عرف هل الواصف مشابه أو مناقض للأخت.
العلاج الأسري الأدلري
الأهداف الضالة
حدد دريكورس (1940) أربع أهداف للسلوك المضطرب كتصنيف حافزي للسلوكات اليومية لدى الأطفال. هذه الأهداف هي : لفت الانتباه، وصراع القوة، والانتقام، وإظهار العجز. وهي حسب جيمس بيتر (1991) تعمل كـ “تفسيرات-توصيفات موجزة للأنماط الثابتة للسلوك المضطرب لدى الأطفال”. وهي تعكس مستويات متزايدة من نقص الشجاعة مع كل هدف إضافي.
وضع دريكورس (1950) و دريكورس و صولتز (1964) مقاربة نظامية للتعرف على الأهداف الأربعة مبنية على أساس:
– مواصفات السلوك المضطرب.
– ردود فعل الأولياء تجاه السلوك المضطرب.
– رد فعل الطفل عن محاولات الأولياء تأديبه (Bitter, J,R. 2008. pp103-104).
باستخدامه هذه الأهداف كفرضيات فحصية وجد دريكورس أن بإمكانه طرح الأهداف الضالة على الأطفال وأن منعكسا اعترافيا سيصدر عن الطفل يؤشر إلى أي الأهداف سعى الطفل. طريقة دريكورس في كشف الأهداف الأربعة يمكن أن تأخذ هذه الصيغ :
– لفت الانتباه: المعالج: هل يمكن أنكما (أنت وأخوك) تتشاجران طيلة الوقت حتى تقول لكما أمكما أو أبوكما “توقفا”. في هذا المثال، طرح لفت الانتباه بتعابير يفهمها الطفل.
– صراع القوة: هل يمكن أنك تريد أن تبين لوالديك أنك السيد وأنهما لا يستطيعان إيقافك؟
– الانتقام: هل يمكن أن تكون قد شعرت بالأذى وأن هذه طريقة للرد عليهم حتى ينالوا مثل ذلك ؟
– إظهار العجز: هل يمكن أنك تريد أن تترك لحالك ؟
إلى الأهداف الأربعة لرودلف دريكورس أضاف جيمس بيتر (1991) ثلاث أهداف إضافية آمن بأنها تعمل كحوافز واعية لبعض السلوكات، خصوصا عند الأطفال الصغار جدا. هذه الأهداف الثلاث هي: الأخذ، رفع الذات، التجنب.
– الأخـذ : بعض الأطفال يصرفون فقط بناء على مفهوم خاطئ مفاده أنهم لابد أن يحصلوا على كل ما يريدون، بغض النظر عما هو ولمن هو. ولأن هذا الطفل لا مانع لديه من أخذ ما يريد فإن حافز الأخذ لديه يكون واعيا كليا. يمكن أن يطلق الكبار على هذا السلوك المضطرب “سرقة”، في حين أن الطفل هو ببساطة يأخذ ما يريد.
من أمثلة الحافز الواعي أيضا “الكذب”. لكي يكذب الطفل لابد أن يعلم الحقيقة وأن يختار قول أمر خاطئ. أما إن لم الطفل أن كلامه مخالف للحقيقة فإنه يكون بذلك مخطئا لا كاذبا. عندما نسأل : “ما هو غرض الكذب؟” فإن هدفين فوريين يرجحان للإجابة: رفع الذات والتجنب.
– رفع الذات : في هذه الحالة يقول الطفل أمورا تجعله يشعر أو يظهر أكثر أهمية مما هو عليه حقا.
– الـتجنب : الهدف الشائع للكذب هو التجنب بكافة أشكاله المتنوعة : تجنب العقاب أو النقد، تجنب الحرج أو الإهانة، تجنب المسؤوليات أو الالتزامات، أو حتى تجنب جرح مشاعر الغير أو تخييب آمالهم.
يمكن كشف هذه الأهداف الثلاثة بدورها بأسئلة (مشابهة لأسئلة دريكورس وصولتز) :
– الأخـذ : هل يمكن أنك تعتقد بأنك لابد أن تحصل على ما تريد متى أردته ؟
– رفع الذات : هل يمكن أنك تريد أن تعلم الناس كم أنت طيب أو مهم ؟
– التجنب : هل يمكن أنك لا تحب …… وتبذل ما في وسعك لتتجنبه ؟ (Bitter, J,R. 2008. p105)
الأهداف الوالدية (التفاعلية) الضالة
إضافة إلى تحديد الأهداف الضالة للأطفال، اقترح العديد من الأدلريين (ماين، 1986. بيتر و روبرتس و صنستغارد، 2000) أنماطا للهدف التفاعلي الضال بين الكبار والصغار. في أحد مؤلفات رودلف دريكورس الباكرة (1948) طرح فكرة أن الأولياء لديهم أيضا أهدافا ضالة غالبا ما تتوازى مع الأهداف الضالة للأطفال…. يميل الكبار إلى خلق صورة عن أنفسهم على أنهم أولياء جيدون (وهذا هو الهدف الأول). هذه الصورة تتضمن بعض الخصال وأسلوب الكينونة والسلوكات المطلوبة من الطفل حتى يكونون أولياء جيدين.
يرى الأبناء هذه الصورة ويقرأون معناها في كل ما يفعله الولي، ويستخدمونها كزر تشغيل يمكنهم أن يضغطوا عليه للفت الانتباه. ضغط الزر وصراع القوة يمكنهما أن يقودا الولي إلى السعي نحو “التحكم” (وهذا هو الهدف الثاني)، الذي يقود بدوره إلى المزيد من صراع القوة. إن واجه الطفل التحكم الوالدي بالتحدي دوما أو إن تصرف دوما بطرق تقود إلى ذلك فإن الأولياء يمكن أن يتوجهوا إلى “الانتقام” (وهو الهدف الثالث).
عندما يحدث هذا عادة ما تكون الأسرة قد بنت عملية تفاعل مَرضية (اضطرابية). في الحالات النادرة، يخور الأولياء كليا ويستسلمون، ساعين بذلك إلى “إظهار العجز” عن تربية الأبناء (وهذا هو الهدف الرابع والأخير).
بأخذ أنماط الهدف التفاعلي في الحسبان، يتمكن الأدلريون من فهم كل من سلوكات الأطفال وتصرفات الأولياء وردود أفعالهم المعبر عنها خلال الفحص الأسري. كشف الهدف وإفشاءه أمر جوهري في الإرشاد والعلاج الأسري الأدلري. إنهما يهيكلان المقابلة ويسمحان للوالدين والأطفال بالتراجع عن السلوكات المضطربة لصالح مقاربات أكثر عملية وفعالية.
عملية العلاج الأسري الأدلري
أهداف العلاج الأسري الأدلري
يسعى المعالج الأدلري إلى تجنيد الأولياء في خبرة تعلمية وفحص تعاوني. إحدى مهام هذا الفحص إجراء تحري حول الطرق المتعددة التي يؤدي بها الأولياء وظيفة أرباب الأسرة أو يفقدون بها هذه القدرة. في أغلب الظروف، هدف المعالجة الأسرية الأدلرية هو إعداد أو دعم الأولياء كأرباب أسرة فعالين.
باستخدام البيانات المحصل عليها بالفحص، يشرح المعالج الأدلري منظومة الأسرة من خلال وصف الموضع الذي اتخذه كل شخص والعمليات التفاعلية المتكررة في الحياة اليومية. إفشاء الهدف يستخدم أيضا لتسهيل فهم الحوافز المتورطة. هذه التدخلات تخدم هدفا علاجيا آخر: استبدال التفاعلات السلبية الآلية -غير الواعية في الغالب- بفهم واع لسيرورة الأسرة (Bitter, J,R. 2008. pp105-107).
يُحدث المعالج تعديلات خصوصية أعدت لاستبدال الأهداف الضالة بأخرى تحسن التفاعلات الأسرية الوظيفية. خلال النصف الثاني من القرن العشرين، أعد الأدلريون باقة واسعة من مهارات الأبوة والتدخل، صار يطلق عليها “الاستجابات الأبوية الموثوقة” أو الرعاية الديمقراطية للأطفال. بناء على قاعدة فهم أنماط الحوافز الخصوصية للأسرة، غالبا ما يغادر الأولياء الجلسة العلاجية مزودين باقتراحات صممت للشروع في إعادة توجيه الأسرة.
دور المعالج ووظيفته
يعمل المعالج الأسري الأدلري كمتعاون يسعى إلى لم شمل الأسرة على أساس الاحترام المتبادل. ضمن هذا الدور التعاوني، يشدد الأدلريون على وظائف التحري المنظومي والتربية. ويركز تحريهم المنظومي على:
– تشكيلة الأسرة أو منظومتها.
– الحوافز القابعة وراء التفاعلات المشكلاتية.
– السيرورة الأسرية من خلال يوم نموذجي.
ينتج عن هذا التحري كشف ومناقشة الأهداف الضالة أو الأفكار التي يمكن أن تكون متورطة في التفاعلات المضربة “ولي-ابن”. في ترشيد الأهداف الضالة إلى اعتبار واع، يتمكن المعالج (برفقة التدخلات الأسرية والتوجيهات المصممة لترشيد الهداف الضالة) من تطوير وتزويد الأولياء بفهم لمهارات أبوة يصاحبها عيش أكثر فاعلية وانسجاما.
تقنيات العلاج الأسري الأدلري
غالبا ما يجري المعالجون الأدلريون علاجات أمام الجمهور، يطلقون عليها المنتدى المفتوح للإرشاد الأسري. في هذه الطريقة التي كان يستعملها أدلر في فيينا، يرشد المعالج أسرة أمام جماعة من الأولياء والمعلمين والمواطنين. يقابل المعالج في هذه الجلسات فئتين من المفحوصين (في آن واحد): الأسرة المسترشدة من جهة، والجمهور الحاضر من جهة ثانية. تركز العملية على التفاعل بين أحضان الأسرة.
عموما، يقابل المعالج الأولياء في البداية من دون الأطفال. هذه الخطوة تدعم اتخاذ الأولياء كأرباب أسرة. يباشر المعالج عملية استكشاف تشكيلة الأسرة برفقة الوالدين ومشاركة الجمهور. خبرة العلاقات “ولي-طفل” تربط بين الأسرة والجمهور بعقد يشتركان معا في إبرامه، ويسمح لأعضاء كل منظومة بالتأثير العلاجي في الطرف الآخر.
قليلة جدا هي الأمور التي تكشف دون أن يستطيع أي مشاهد ملاحظتها لدى الأسرة المسترشدة. عن طريق العمل على الأمور المشتركة بين الأسرة والجمهور، يتمكن المعالج من تربية (إرشاد) العديد من الأسر المشاهدة من خلال الأسرة المسترشدة. ومن غير المستبعد أن تستفيد من الجلسات أسر مشاهدة أكثر من الأسر المسترشدة.
توصيفات المشكلة وتحديد الهدف
يستخدم الأدلريون أمثلة معينة لفهم الانشغالات التي يطرحها الأولياء. أثناء الإصغاء إلى وصف أحداث مشكلة معينة، يسأل المعالج الأولياء (أو الولي):
– متى حدث هذا المشكل آخر مرة ؟
– ماذا فعلت تجاهه ؟
هذان السؤالان يساعدان المعالج على التعرف على نمط التفاعل السلبي الذي يميل إلى التكرار عدة مرات في اليوم. ويسأل المعالج الولي أيضا :
– بم شعرت حين ………؟
– ما كان رد فعلك حين ………؟ مشاعر وردود أفعال الأولياء غالبا ما تكون أصدق المؤشرات على الهداف الضالة لدى الأطفال والأولياء معا (Bitter, J,R. 2008).
الـيوم النمـوذجي
غالبا ما يفحص الأدلريون المناخ الأسري ونمط التفاعل الأسري عن طريق الطلب من الأسرة وصف يوم نموذجي. إن استكشاف اليوم النموذجي هذا سيكشف أنماط التفاعل المتكررة والطرق التي تحقق بها الأطفال أهدافهم العاجلة (الفورية)، بالإضافة إلى المناخ والقيم الأسرية التي تدعمها كمقاربة كل ولي لزوجه ولرعاية الأطفال.
تحري اليوم النموذجي يفيد بالخصوص عندما يعجز الأولياء عن عرض الأحداث الخاصة بانشغالهم. يتوقع الأدلريون أن تكون نفس التفاعلات “ولي-طفل” التي يسردونها عندما يحاولون إيقاظ الأطفال سوف تتكرر عدة مرات قبل الخلود إلى النوم.
محاورة الطفل وإفشاء الأهداف
عموما، محاورة الأولياء تفرز فرضيات مبدئية حول أهداف السلوك المضطرب لدى الأطفال. تعرض هذه التنبؤات على الأولياء، لكنها تبقى مجرد احتمالات إلى غاية إثباتها بالمقابلة مع الأطفال. ينجح كشف الأهداف مع الأطفال حين يربط بحدث أو سلوك معينين، بشكل أسهل من اعتماد مناقشة عامة. عندما يقوم المعالج بتوضيح حدث أو سلوك مضطرب مع الطفل فإنه يحاول اقتراح الأهداف. باستخدام نموذج دريكورس، يسأل الأدلريون غالبا:
– “هل تعلم لماذا تفعل ذلك ؟”
إجابات الأطفال لا تقبل ولا ترد، بل تعد كوسائط لكشف الأهداف. (يعقب عليها المعالج 🙂
– “هذا احتمال. أنا لدي فكرة أخرى. هل تريد سماعها ؟”
ثم يحاول المعالج -قدر استطاعته- أن يعرض الأهداف بلغة ذات دلالة لدى الطفل. مثلا يسأل طفلا يهرب من المدرسة:
– “هل يمكن أن تكون تهرب من المدرسة لتجعل أباك منشغلا بك باستمرار ؟” (لفت الانتباه).
– “هل يمكن أن تكون تهرب من المدرسة لتبين لأمك أنك السيد وأن لا أحد يستطيع إرغامك على الذهاب ؟” (صراع القوة).
– “هل يمكن أن تكون تهرب من المدرسة لتنال من أبيك ؟” (الانتقام).
– “هل يمكن أن تكون تهرب من المدرسة لكي يتركوك لحالك ؟” (إظهار العجز).
إن كان أحد هذه الاقتراحات منطبقا على الطفل، فغالبا ما يصدر عن الطفل “منعكس اعتراف”. هذا المنعكس هو إثبات للحافز المشخص. بدون هذه الاستجابة الاعترافية تكون مصداقية الفحص غير مثبتة، ويجب مباشرة إعادة تقييم مبنية على إيجاد بيانات جديدة (Bitter, J,R. 2008).
إعادة توجيه الأسرة وإعادة تربيتها
يستخدم الأدلريون مصطلح إعادة التوجيه للإشارة إلى أن أغلب الأسر تحتاج مجرد إعادة توجيهها نحو سبيل أكثر منفعة. في الحالات النادرة التي تبدو فيها الأسر بحاجة إلى إعادة هيكلة، يسعى الأدلريون إلى مساعدة الوالدين ليصبحا ربا أسرة فاعلين، يتكافلان مع بعضهما لأجل رفاهية الأولاد.
إعادة توجيه الأسرة تقتضي فهما للحاجات الأساسية وأغراض المنظومة، وكذلك أفراد هذه الأسرة. الحاجات القاعدية الأولى هي الأمان والتشجيع. الحرص على رفاهية الأسرة هو أساس لتلبية هذه الحاجة. الناس والمنظومات ينمون ويتوافقون ويتغيرون عندما تثمن نقاط قوتهم ويؤمن أفراد الأسرة ببعضهم البعض، وتكون لديهم القدرة على الانتقاء من بين الخيارات ويحققون أمنيتهم في السعادة.
إعادة تأطير وتطبيع الخبرات الأسرية هما تدخلان يدعمان تنمية الأمل. يمكن أن تعدل التفاعلات اللاوظيفية عندما يستطيع شخص واحد أن يتخلى عن أنماطه التكرارية السلبية. عموما، يؤمن الأدلريون أن الأولياء يميلون أكثر إلى التخلي عندما يفهمون الهداف الضالة لأطفالهم، وربما حتى أهدافهم الشخصية الضالة المتعلقة برعاية الأطفال.
في العديد من الأمثلة يكلف الأدلريون ببساطة كل ولي قائلين: “اهتم بأمورك الخاصة”. عندما يواجه أحد الوالدين موقفا ما، إما أن لا يتدخل الآخر وإما يدعمه. في احالات التي يكون فيها مقدار كبير من الشقاق بين الوالدين، يغدو عمل المعالج على العلاقة الزوجية مهمة ضرورية لكي تتمكن الأسرة من التحسن.
عندما تبدو القوامة الوالدية سليمة، يميل المعالجون الأدلريون إلى التجند في نوع من التربية للوالدين، والصياغة المشتركة معهما لتوجيهات من أجل التغير مصممة خصيصا لإعادة توجيه الأهداف الضالة أو التفاعلات. تبنى الإرشادات الفعالة على أساس تطبيق “العواقب الطبيعية والمنطقية” و “التشجيع” و “الدعم الانفعالي-النفسي”. يعتقد الأدلريون أن التربية الأبوية الفعالة هي المبنية على أساس العيش الديمقراطي والعدالة الحقيقية مع الأبناء.
تشجيع الوالدين جزء هام من عملية إعادة التوجيه: في المنتدى المفتوح، غالبا ما تأتي الأفكار والتشجيع من الجمهور. أما في الجلسات الخاصة، فيساعد المعالج أفراد الأسرة على توليد خياراتهم الخاصة للتغيير. عندما يتم التعرف على عملية معينة، يبحث المعالج أو المرشد الأدلري دوما عن التزام من الأولياء للتجند تجاه الطفل بشكل مغاير. عندما يصرح الولي بأنه “سيحاول”، يدرك المعالج أنه بحاجة إلى إعادة تقويم “التزام” التغير. عندما يكون الوالدان قادرين على الالتزام بالتغير، خصوصا أمام جمهور منتدى مفتوح، عادة ما يكون التغير في الأسرة ملحوظا ولافتا خلال أسبوع واحد (Bitter, J,R. 2008).
خلاصة
ينعت علم النفس الفردي مقاربته العلاجية الأسرية بـ “تعديل الحافز” بدلا من تعديل السلوك. يُحدث المعالج تعديلات خصوصية أعدت لاستبدال الأهداف الضالة بأخرى تحسن التفاعلات الأسرية الوظيفية. خلال النصف الثاني من القرن العشرين، أعد الأدلريون باقة واسعة من مهارات الأبوة والتدخل، صار يطلق عليها “الاستجابات الأبوية الموثوقة” أو الرعاية الديمقراطية للأطفال. بناء على قاعدة فهم أنماط الحوافز الخصوصية للأسرة، غالبا ما يغادر الأولياء الجلسة العلاجية مزودين باقتراحات صممت للشروع في إعادة توجيه الأسرة.
يستخدم الأدلريون -في ذلك- نموذجا تربويا بإرشادهم للأسر في جلسات أمام الملأ وفي منتديات مفتوحة في المدارس والجمعيات المدنية، وبالخصوص في المراكز التي أنشأوها للتربية الأسرية؛ لكن الكثير من المعالجات الأسرية الأدلرية تتم في جلسات خاصة. في هذه المراكز، يجند المعالج كلا من الأسرة المسترشدة والجمهور في عملية استكشاف للدوافع، وعملية إعادة توجيه للأسرة مبنية على التشجيع وتطبيق العواقب الطبيعية والمنطقية.
إجمالا، الخطوة الأساسية التي يسعى إلى تنفيذها الإرشاد والعلاج الأسري الأدلري هي جعل الأولياء أربابا طبيعيين للأسرة ومساعدتهم على تعلم ضبط النفس في تفاعلاتهم “كبار-أطفال”. وتتعزز قوامة الأولياء في الأسرة عندما يشعر كل ولي بأنه عضو قيم في الفريق، وأن هناك شعورا بالثقة والاحترام المتبادلين بينهما. هذا لا يعني أن يعامل كلا الوالدين الأطفال بالطريقة نفسها. في الحقيقة، يمكن أن يتقرب كل ولي من أطفاله بشكل مختلف طالما أن الولي الآخر لا يضمحل في عيون الأطفال.
أ.د خالد خياط . جامعة بسكرة. الجزائر