هناك العديد من الطرق التي تبعها الأفراد لتحقيق أهدافهم. يختار البعض منهم العيش أو العمل على انفراد، ليؤدي دوره في هدوء وسلام، بينما يختار البعض العيش أو العمل في وسط جماعي، ومن خلال التفاعل المتكرر مع الآخرين، لينتعش وينشط طاقته ويزيد تركيزه ويتفعل أداءه. هذا الأمر ينطبق أيضا على العمل بطريقة العلاج النفسي الجمعي .
في الحقيقة، يستطيع العديد من الأفراد تحقيق الكثير من الإنجازات والأهداف بمفردهم، ولكن بإمكانهم وسيتمكنون من تحقيقها بشكل أكثر كفاءة وفعالية بالتعاون مع الآخرين. لذلك عادة ما يكون من الأسهل إحراز نتائج علاجية على المتعالجين في جماعات أكثر منها عن طريق العلاج الفردي لكل عضو على حدى. ففي الوقت الذي يفضل فيه بعض المتعالجين العمل في جلسات علاجية فردية، هناك مفحوصون يجدون راحتهم أو ينشط آداءهم وتفاعلهم في العملية العلاجية التي تجري في جماعة. هذه الأخيرة هي ما اصطلح عليه بالعلاج النفسي الجمعي.
الجماعة العلاجية
يشمل مصطلح “العلاج الجمعي” مجموعة واسعة من الجماعات. ضمن هذا التصنيف تندرج كافة الجماعات التي أعدت لتقديم أو تعزيز التعليم ومهارات الحياة، وتقديم الإرشاد والعلاج النفسي، تحقيق النمو الشخصي، وإتاحة مجال المساعدة الذاتية.
تركز هذه الجماعات العلاجية على طرق لمساعدة أعضاءها على زيادة معرفتهم بأنفسهم والآخرين. اثنين من الطرق الرئيسية المستخدمة في هذه الجماعات هي ردود الفعل والتفاعل. كما تساعد أعضاءها في اكتساب أساليب ومواقف وسلوكيات جديدة (كوري وكوري، 1992). كما تساعد على تعزيز التغيير الشخصي في حياة أعضاءها، ولكنها تختلف في كيفية إحداث التغيير بشكل مميز.
(Gladding, Samuel. 1994.)
فوائد العلاج النفسي الجمعي
يعتبر الإرشاد الجمعي عملية شخصية حيث يقوم الأعضاء باستكشاف أنفسهم في علاقتهم مع الآخرين في محاولة لتعديل مواقفهم وسلوكهم. يعطي اختبار الواقع داخل مجموعة علاجية لكل فرد تجربة فريدة في تعديل السلوك. وهناك العديد من الأهداف العامة لمساعدة الأعضاء في جماعة علاجية فيما يلي:
– تعلم الإصغاء بشكل أفضل وتطوير الحس وقبول الآخرين.
– زيادة الوعي الذاتي وتطوير الشعور بالهوية.
– ترفع الشعور بالانتماء حيث تعزز الترابط الاجتماعي. لأنها تساعد المجموعات الناس على معرفة أن الآخرين يهتمون فتدفعهم لمقاومة والتغلب على مشاعر العزلة ؛ وتعزز بشكل مباشر أو غير مباشر المشاعر حول معنى وهدف الحياة.
– تنمية الشعور بالإيثار، فالمتعالج الذي جاء للحصول على مساعدة علاجية يكتشف ويرى نفسه قد تحول إلى مساعد نشط في علاج الآخرين.
– تعلم الثقة بالآخرين وبالنفس.
– الاعتراف والتصريح بمجالات الاعتقاد والقيم دون خوف من القمع.
أنواع مجموعات العلاج النفسي الجمعي
بشكل عام، يمكن تحديد أربعة أنواع من المجموعات
جماعات الدعم
بما في ذلك مجموعات المساعدة الذاتية من جميع الأنواع، والتي تقدم الإغاثة بدلاً من التغيير.
جماعات التربية النفسية وبناء المهارات
تهدف إلى إحداث تغيير في المهارات الاجتماعية والعاطفية والإدراكية.
جماعات بين الأشخاص
التي تحاول تغيير الأنماط والاهتمامات الشخصية بين الشخصية أو طويلة الأمد.
جماعات العلاج النفسي
التي تركز على اضطرابات أعمق في وظائف داخل و بين الأشخاص.
سيرورة عملية العلاج النفسي الجمعي
كشف شايدلينغر (1995، 1997) أنه داخل المجموعة العملية العلاجية تعمل جنبا إلى جنب كلا من الخبرات العاطفية التصحيحية والاستبصارات. ويتم تنظيم الجماعة العلاجية وفق إجراءات منهجية منظمة تتمثل فيما يلي:
– هيكلة الجماعة: من حيث تشكيلتها والوقت ومكان الاجتماع، والمستحقات المالية.
– تنظيم سير جلسات: التشديد على السرية، وجدول الأعمال، والاتصال الجسدي، وتطبيق التقنيات العلاجية المختلفة (كتمارين القشطالت، لعب الأدوار، التقنيات العاطفية العقلانية).
– قبول والتعاطف مع كل عضو، مع الإيمان بإمكانيات المتعالج للتغيير والنمو.
– تشجيع التعبير المفتوح عن المشاعر والاهتمامات.
– تعزيز مناخ التسامح وقبول الاختلاف في المشاعر والسلوكيات والمساعدة بين الأعضاء، إلى جانب تشجيع كافة الأعضاء على المشاركة في التركيز على الذات والتدقيق في الشخصية والوعي.
– السيطرة ضمن الحدود المقبولة على مستويات الدوافع والتعبير والتوتر والقلق لدى المتعالجين.
– السيطرة على تظاهرات مستوى-الجماعة (مثل كبش الفداء والعدوى غير اللائقة) لأجل مصلحة كل عضو ولأجل معنويات الجماعة. – باستخدام التدخلات اللفظية التي تتراوح من ﻣﻼحظات ﺑﺴﻴطﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻤواﺟﻬﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻔﺴيرات اﻟﺘﻲ ﺗﻬدف إﻟﻰ اﺧﺘﺒﺎر اﻟﻮاﻗﻊ وإﺛﺎرة اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ واﻟوﺻﻼت.
عقد جماعة العلاج النفسي الجمعي
تؤكد دايس (1994) على إبرام “عقد” مع أعضاء الجماعة لوقف “مخاوف” التعرض للهجوم والحرج والعدوى العاطفية والآثار الضارة “. وتتضمن تفاصيل العقد مسائل السرية والتفاعل خارج الجماعة العلاجية وقضايا الحدود. إن المناقشة المبكرة لهذه الاحتياطات تعد بمثابة ترياق لتخوف أعضاء الجماعة وتزيد من تفاؤل المتعالج بالتحسن النفسي. كما تمكن أعضاء الجماعة من السيطرة على سلوكهم السلبي في العلاج الجمعي وتزيد الشعور بتماسك المجموعة وتعاونها.
(Thompson, Rosemary. 2003)
أ.د خالد خياط جامعة بسكرة الجزائر