إن العلاج النفسي الفردي الأدلري فن وليس علما فحسب، وينبغي أن يمارس بنفس تكامل أي إنجاز فني. ورغم أنه مبني على نظرية وفلسفة ومبادئ محددة، إلا أن ممارسته لابد أن تأتي بإخلاص من القلب. هو ليس مجرد تكنولوجيا يمكن أن يمارسها الأشخاص المكونون، ولا هو حقيبة من الحيل التي يمكن إضافتها بنجاح إلى كومة انتقائية من الأدوات الثمينة غير المشغلة. إن أحادية كل متعالج تقتضي إبداعا دائما. وبالمثل، شخصية كل معالج تجعل مقاربته غير قابلة للتقليد. شخصية المعالج لابد أن تكون مع فلسفة العلاج
(Stein,H,T & Edwards,M,E. 1998.pp89).
خطوات العلاج النفسي الفردي الأدلري
لتيسير فهم سيرورة عملية العلاج النفسي الفردي الأدلري قام هنري شتاين بتقسيمها إلى مهام، بيد أن العلاج الأدلري جد عفوي و إبداعي ولا يمكن حصره (خنقه) تحت نظام خطواتي ينبغي اتباعه بصرامة. وأهم المهام، حسب حوصلتنا لتقسيمات الأدلريين، هي عموما:
بناء العلاقة العلاجية (التعاطفية)
يتسم العلاج النفسي الأدلري الكلاسيكي بـالدبلوماسية والدفء والتعاطف والنهج السقراطي في المعالجة. هذا المناخ يتضمن ميزات الاحترام والمساواة الضرورية لبناء علاقة الثقة و التعاون
(Stein,H,T.1997. http://www.adlerian.us/stages2.htm ).
الغاية التمهيدية العلاجية هي مساعدة المتعالج على أن يصير شخصا أكثر تكافلا، وهذه تبدأ من تعليمه التكافل في العلاج. إذا كان المتعالج مفتقرا إلى التكافل، ينبغي على المعالج التركيز على هذه النقطة بلباقة.
إذا حاول المتعالج إلقاء مسؤولية التحسن كاملة على عاتق المعالج فعلى الأخير أن يوحي له أن التحسن يرتبط بدرجة التعاون بينهما.بإمكان المعالجين أن يساعدوا في اكتشاف بعض الأفكار المساعدة الجديدة، غير أن الأفكار لابد أن تطبق لتحسين موقف ما.
ابتداءً، قد يكون المتعالج في حاجة إلى التعبير عن مقدار كبير من الألم مع انقطاعات طفيفة. يقابلها المعالج بحميمية صادقة وتعاطف وقبول وتفهم. لفهم أحادية [ خصوصية] كل متعالج ،على المعالج أن ينتعل حذاءي المتعالج ثم ينظر و يتحسس ما يعيشه المتعالج. إذا كان المتعالج يشعر باليأس، توجَّب على المعالج الشعور بيأس المتعالج دون الإحساس بالحزن (الشفقة) عليه، بل حينئذ عليه أن يرجع وراء ويزود أمله ليتحسن. لأجل ذلك ينبغي على المعالج أن يكون قادرا على الاقتراب الكافي نفسانيا من المتعالج لتحقيق التعاطف، لكن ينسحب محايدا عند نقطة معينة حتى يخلق الأمل ويناقش التحسنات الممكنة. إن توفير جو من الأمل والاطمئنان والتشجع يقود المتعالج إلى تنمية شعور بأن الأمور يمكن أن تتحسن
(Stein,H,T & Edwards,M,E. 1998.pp79-80).
الفحص النفسي
يجمع المعالج البيانات الهامة، ويمكن تلخيصها في الجوانب التالية:
– المشكلة المطروحة و تاريخها.
– مستوى آداء المتعالج في مسائل الحياة الثلاث.
– بيانات حول :العائلة و الذكريات الأولى و الأحلام.
– المعتنقات الدينية و الثقافية يمكن أن تكون لها دلالة أيضا.
– بالموازاة يمكن استخدام مقاييس الذكاء و الميول و المقاييس النفسية الملائمة. إن المعلومة المحصلة تحتوي دوما على صورة مشوهة إلى حد ما، تماما كالفراغات الدالة. بعد دراسة المناهج المتوازية للطفولة والحاضر، وتحليل المادة الإسقاطية الغنية بها الذكريات المستحضرة والأحلام، يصيغ المعالج فرضيات أولية تخص مشاعر القصور والهدف الغائي ومناهج العيش والمنطق الشخصي ومخطط الإدراك المستقطب
(Stein,H,T & Edwards,M,E. 1998.p80).
الإيـضـاح
التسآل السقراطي يوضح لب معتقدات المتعالج حول ذاته والآخرين والحياة، ثم تقيم وتقارن نتائج هذه المعتقدات مع الإمكانيات الجديدة:
– الأفكار الخاطئة و المنطق الشخصي يصححان ليستقيما مع الوجهة الجماعية.
– أفكار المتعالج ينبغي أن تتجلى و تتضح لمعرفة مسار تبنيها في الطفولة.
من وجهة النظر الأدلرية، الأعراض يمكن أن تكون أعذارا لتفادي الأمور التي لا يؤديها المتعالج. من بين الطرق التي يمكن للمعالج أن يكتشف ذلك هي هذا السؤال: “لو لم تكن لك هذه الأعراض، ماذا كنت فاعلا؟”. جواب المتعالج كثيرا ما يكشف بجلاء عما يسعى لتفاديه
(Stein,H,T & Edwards,M,E. 1998.pp80-81).
التشجـيع
لا يستطيع المعالج منح الشجاعة للمتعالجين، بل عليهم إيجادها بين ثناياهم.
يستطيع المعالج أن يباشر هذه العملية بإطلاعهم على ما هو شجاعة في أفعالهم، مثلا: قدومهم إلى المعالجة هو شجاعة.
بعد ذلك، بإمكان المعالج والمتعالج أن يستكشفا الخطوات التي ينبغي على المتعالج خطوها،بفضل رفع تدريجي في الشجاعة. ليس سوى بالمحاولات الحالية لسلوك جديد و معرفة أن الإخفاق نتيجة لا يمكن تفاديها بالضرورة بهذا يمكن للشجاعة أن تنمو.
يحتمل أن يكون المتعالج قد بالغ في مشاعر قصوره التي يود التخلص منها كليا،معتقدين أنهم إذا حققوا غايتهم ستزول عنهم هذه الأحاسيس الأليمة. على المعالج أولا أن يخفف من هذه المشاعر إلى درجة قابلة للتسيير والتحكم فيها، ثم يقنع المتعالج أن هذا الشعور العادي بالقصور هو رحمة بإمكانه استغلالها كحافز للتحسن.
تقدير الذات الحقيقي لا يأتي من استحسان أو ثناء الآخرين،و إنما يأتي من مجابهة العقبات وتخطيها. لذلك، فالخطوات التقدمية الهادفة إلى تجاوز الصعوبات التي كان يتفادى مواجهتها سابقا، لابد أن تحظى واحدة واحدة بالتدرج. بالنسبة للعديد من المتعالجين هذا يعادل القيام بما يشعر به مستحيلا.
خلال وبعد هذه الخطوات، يتعرف ويناقش المشاعر الجديدة حول المجهودات والنتائج.
عند محاولة تفادي الأخطاء، كثيرا ما يخفض الأشخاص غير الشجعان من مستوى وقطر نشاطهم. بإمكانهم أن يصبحوا خاملين، ينتظرون تدخلات الآخرين، ويحصرون دائرة نشاطهم في ما هو آمن و نافع انفعاليا، وجدانيا. تدريجيا، ينبغي أن يرتفع مستوى و قطر و نوعية نشاط المتعالج. إن الحركة في الوجهة الخاطئة كثيرا ما تكون خطوة أولى ضرورية ثم بعدئذ تصحح بعد تعديل المحاولة. من غير نشاط جديد وتجريبٍ لا يتحقق إلا مقدار ضئيل من التقدم. بعض النجاحات ينبغي إنجازها بغية المرور إلى الخطوة التالية
(Stein,H,T & Edwards,M,E. 1998.pp81-82).
التفسير و التعريف
إن الحركات النفسانية هي: التفكير والشعور وأنماط السلوك التي يستجيب بها الشخص للمسائل الخارجية المطروحة أمامه. لذلك، بالإضافة إلى الاستماع لمقال المتعالج، ينبغي على المعالج أن يكون متفهما لما قام به المتعالج لحد الآن، و ما يقوم به حاليا فيما يتعلق بمسائل الحياة. إن الحركات في العلاج هي الأكثر ظهورا للعيان:
– هل حضر في الموعد أو تأخر؟
– يحيد عن السكة؟
– هل يتكلم طيلة الوقت و يدع فرصا ضئيلة لتدخلات المعالج؟
– هل يوافق على كل شيء لكن “ينسى” تطبيقه بين الحصتين؟
وظيفة المعالج وصف هذه الحركات بدقة ومساعدة المتعالج على التعرف على الأهداف الراهنة أو الأهداف الغائية التي يشخص نحوها.
الازدراء والعدوان هما تقنيتان يرفع بهما المتعالج من تقدير ذاته اصطناعيا (سطحيا) ويعاقب بها الآخرين على عدم تحقيقهم للآمال الضالة التي كان يعقدها عليهم.
إن المتعالج كثيرا ما يكون بارعا إلى حد ما في تبني الأسلحة التي تجرح الآخرين إلى أقصى حد. على المعالج أن يبين له إلى أي مدى أسلحته هذه عديمة الجدوى و صبيانية ، أو أنها في النهاية تجرح المتعالج أكثر من جرحها للضحية المرغوبة.
لتفكيك مخطوط الإدراك المستقطب لدى المتعالج، ينبغي تسآله جدليا. رغم احتمال أن يقاوم المتعالج هذا الحوار لأن مخطوطه يدعم ويساند مواصلة الهدف الغائي الصبياني، المتمركز على الذات.
هدف المتعالج الغائي يمثل رؤيته إلى ما يتخيله معينا له على تحقيق شعوره بالسمو والأمان والقيمة والسلامة. خلال مواجهة تغيرات الأهداف الغائية فإن البدائل الأخرى كثيرا ما تبدو عديمة القيمة وتافهة وهشة.
مخطط المتعالج يستخدم الصلابة المعرفية لخلق مشاعر جد قوية، ويقفل عليه بداخل أسلوب النظر التقابلية إلى العالم، وتقييم الخبرات وفهم حقيقة مشاعره.
لذلك، بغية تفكيك مخطوط الإدراك المستقطب للمتعالج ينبغي على المعالج مساعدته على رؤية كفاءات الآخرين الحقيقية والمتميزة الخافية وخبراتهم، بدلا من تقسيم الانطباعات إلى “إما..أو” ، الفئات مطلقة التصلب .
كل سلوك هو غائي ويرمي إلى هدف غائي. إذا كان للمتعالج أهداف في الجانب غير المفيد من الحياة، فإن انفعالاتهم كذلك سوف تستغل في هذا الاتجاه أيضا. اعتياديا، الانفعال يستغل في تفادي مسؤولية الأفعال. هذا ينعكس في ادعاءات المتعالج التي سمعناها كثيرا : “لقد أغضبني، لم أستطع مساعدته”
(Stein,H,T & Edwards,M,E. 1998.p82).
كل فرد يستخدم الانفعال بطريقة فريدة، وعلى المعالج أن يكون فطنا ودقيقا في التعرف على الغايات المستترة خلف هذه الانفعالات.
الهدف الغائي يتضمن توقعات الأدوار التي ينبغي على الآخرين أداءها.
إذا كان الهدف الغائي هو أن يكون محبوبا فإن على الآخرين لعب دور المحبين. وإذا كان الهدف الغائي هو السيطرة، ينبغي على الآخرين أن يكونوا خضوعين. واجب المعالج اكتشاف هذه التوقعات ومفعولها الحالي في العلاقات.
بدلا من اتخاذ كل هذه المطالب لدى الآخرين، يحتاج المتعالج تعلم كيفية خلق مطالبة الذات، وتحديد ما ينبغي فعله للمساهمة في تنمية ذواتهم والآخرين و المواقف.
بعد كشف النقاب عن معنى حركة المتعالج وأهدافه من المعالجة، ينتقل المعالج -في النهاية- إلى تفسير (تأويل) لب ديناميات الشعور بالقصور لدى المتعالج والهدف الغائي ومنهاج العيش.
إن كوكبة العائلة والخبرات وأنماط السلوك الاعتيادية والذكريات القديمة والأحلام، كل ذلك يدمج في ملمح فريد وراسخ وحي.
في إيضاح (كشف) هدف المتعالج، من المهم جدا الاعتماد على الدبلوماسية والتوقيت الجيد ومراعاة شعوره. ينبغي أن يشعر المتعالج بالتشجيع من قبل النجاحات الجديدة المحققة لكي يشعر بالتفتح والاستعداد لمواجهة الصورة الواضحة للوجهة الضالة التي كان يتبعها.
يساعد المعالج متعالجه في تقييم هدفه واكتشاف ما غنمه حقا وما خسره في اتباعه لهذا الهدف، مستخدما في ذلك المنطق والمزاح والتعابير المجازية والتحميق (تبسيط الفكرة إلى درجة تسفيهها)، وما سماه أدلر “البصق في المرق”. في هذه الاستراتيجية الأخيرة، يسمِّط المعالج ذوق الهدف الغائي، كأن يجعل من ابتغاء القوة والتخويف والمطالبة بالاحترام أهدافا شبيهة بإنجازات المافيا
(Stein,H,T & Edwards,M,E. 1998.pp82-83).
إن المناقشة التي تدور حول الهدف الغائي تعكس شكلا حيويا (قويا) من التفكير حول معنى الحياة وكيف يتصرف فيه المتعالج، وكيف يمكن له أو ينبغي عليه أن يتصرف.
سابقا قبل إتمام هذه المهمة، كان المتعالج يستند إلى المعالج في فهم وتفسير حركاته وربطها بمنهاج عيشه وهدفه الغائي. الآن، أصبح المتعالج قادرا على فهم وتفسير المواقف بمفرده متبادلا رؤاه مع المعالج. إن الكثير من المتعالجين يحاولون التوقف عند بلوغ هذه المحطة شعورا منهم بأنهم علموا بما فيه الكفاية رغم أنهم لم يطبقوا بعد رؤيتهم ولم يغيروا سكة وجهتهم في الحياة
(Stein,H,T & Edwards,M,E. 1998.p83).
تغيير التصرف وتعزيز التحسن
إن الرؤية والشجاعة المستحدثتان تجندان لمقاربة الصعوبات القديمة والمسؤوليات المهملة. والخطوات التجريبية يغامر بها في أغلب ساحات العمل. في بادئ الأمر، يكون المسعى صعبا على المتعالج لأنه لن يصادف شعورا إيجابيا، بسبب اتخاذه خطوات في وجهة جديدة.
مهما يكن، ينبغي البدء بما يريد المتعالج مباشرته ثم جعله تدريجيا أكثر نفعا اجتماعيا. الشخص العدواني الطعان اللعان يمكن تشجيعه على التصدي بقوة لمشاكله و بطريقة مفيدة عوض عدوانيته ضد الغير. عموما، كل الخطوات السلوكية -التي يشجع المتعالج على خطوها في العلاج- توجه نحو رفع ثقته بنفسه وتغيير منهاج عيشه.
مهما يكن، التغيير العميق يتحقق بعدما يتعرف المتعالج والمعالج معا على الهدف الغائي ومنهاج العيش ويتناقشان فيه. بناء على هذه الرؤية إذن، يعمل المتعالج على تغيير وجهة سكة حركاته ويقارب المسائل الحياتية الثلاث الرئيسية (الجماعية، المهنية، الحب).
قبل هذه المحطة، كانت أغلب تصرفات المتعالج متمركزة على الذات، تبحث عن حماية متخيلة أو عن تقييم الذات، متجاهلا حاجات الآخرين. سيساعده المعالج على تعلم التخلي عن ذاته والتركيز على الآخرين وعلى العقبات وعلى ضرورات الموقف. كل هذه التصرفات الموجبة الجديدة تشجع وتساند. بقدر ما يباشر المتعالج تخطي عقباته الكبرى التي كان يتحاشاها ويبذل مجهودات شجاعة، بقدر ما استوطنت فيه النتائج الجيدة ومشاعر الكبرياء والرضى
(Stein,H,T & Edwards,M,E. 1998.pp84-85).
إعادة توجيه الهدف
إن النزعة الاجتماعية للمعالج قد بدت باستمرار للمتعالج منذ أول لقاء بينهما، بقبوله اللامشروط له كقرين إنساني مماثل، و إبداءه اهتماما عميقا عبر الإنصات له والاعتناء (الانشغال) باضطرابه، وإبداء استعداد لمساعدته. ربما يتشكك في النية الحسنة للمعالج عند البدء، غير أنه قد أحس بقدر (ثمَّن) الرعاية والتشجيع الصادقين للمعالج.
إن تعدي الحواجز خلق شجاعة وكبرياء وتقديرا أكبر للذات، وهذا يقود الآن إلى تكافل (تعاون) ونزوع اجتماعي أكبر مع المعالج. هذا النزوع ينبغي أن يوسع الآن ليتصل أكثر بالناس الآخرين، ويتعاون معهم ويساهم بمقدار معتبر في رفاهيتهم. وبقدر ما ينمو نزوع اجتماعي لدى المتعالج، بقدر ما يتحفز أكثر لإعطاء جهده -قدر المستطاع- في علاقاته وفي عمله (Stein,H,T & Edwards,M,E. 1998.p85).
عندما يشرع المتعالج في التخلي عن هدف قديم ومنهاج عيش مبني على حماية الذات وتقييم الذات والسمو الشخصي على باقي الناس، فإنه سيشعر بالنية والضياع عندما ينفتح له أفق جديد.
الآن، بعد الاستكشاف والتجريب، بإمكانه أن يتبنى وجهة جديدة، وهدف حياة واع مبدع ومفيد اجتماعيا. سيهجر وجهته السابقة ليتبع الجديدة لأنها تثمر تقدير أكثر للذات واحتراما أكبر من قبل الآخرين.
إن المتعالج يلاحظ دوما معالجه وقد يستخدمه كنموذج إيجابي أو سلبي. سلوكات المعالج تخضع للنقد، كما يمكن أن تعرقل العملية العلاجية إذا رأى المتعالج أن معالجه لا يطبق ما يحاول أن يعلمه أباه (يقول ما لا يفعل).
فحص ماسلو مميزات العديد من الناس الناضجي الوظائف، واستنتج أن ما نستند إليه اعتياديا كـ “سوي” أو “سطحي” الوظيفة هو حاليا شكل مقبول –عموما- من النمو النفساني المحدود جدا. يضرب ماسلو مثلا بمعيار الصحة النفسانية، الكثير من المستويات أعلى من مقاعد (مواقف ووجهات نظر) أغلب معاصريه.
أدلر و ماسلو كانا متفقين حول هذه المسألة التي لم تكن لتثبت رؤانا العلاجية حصريا على “السوي” و “الوسطي”، بل تطمح إلى الأمثل الذي يمكن أن يبلغه المتعالج. لا يسعى الكثير من المتعالجين لبلوغ هذه الدرجة، غير أن بعضهم يرغب في ذلك، وعلى المعالج أن يكون مهيأ لتسهيل هذه الرحلة له.
بقدر ما يحاول المتعالجون بقدر ما يتمكن المعالج من مساعدتهم على إدراك أنهم يقدرون على سلك سبل مرشدة جديدة وأكثر حرية وإلهاما في حيواتهم. هذه المرشدات البديلة هي ما سماه ماسلو الحوافز الغيبية أو القيم العليا، مثل الحق والجمال والعدالة. إن القيم التي يختارها المتعالجون ترتبط أساسا بحساسياتهم واهتماماتهم الشخصية الفريدة
(Stein,H,T & Edwards,M,E. 1998.pp85-86).
المؤازرة و العتق
تعلم المتعالج الآن حب جهاد تخطي العقبات، وهو يفضل الآن غير المألوفة من الصعوبات، ويتطلع إلى ما لم يستكشفه بعد في الحياة. شاعرا بتساويه مع الغير، تواقا إلى استكمال نموه، سوف يبدي المتعالج روحا كريمة ويرغب في تقاسم ما حققه. الآن بإمكان المتعالج أن يغدو مصدر تشجيع للآخرين. شاعرا بأنه أقوى ويشتغل أفضل، قد يحتاج إلى تحديات من اختياره وانتقاءه هو لتحفيز أرقى نمو لذاته.
أجود ما في الإنسان هو ليس ما يتدفق منه ببساطة، بل هو ما يستجيب به لـ حاجة ذاتية صحيحة (سليمة). هذه الحاجة يمكن أن تتحفز بواسطة موقف جديد غير مستكشف أو تحد مختار.
بإمكان المعالج أن يحث على البحث عن مثل هذا التحدي، ويمكنه مساعدة المتعالج على تقييم ما هو تحدٍّ جدير بالتقدير ورفيع وثري ومفيد اجتماعيا، ذلك الذي لا يكون أقل شأنا ولا فوق طاقات المتعالج. بالنسبة لبعض المتعالجين، يمكن أن يكون هذا التحدي هو إدراك أو الاعتراف بأهمية “قضية” أو “نداء” في حياتهم
(Stein,H,T & Edwards,M,E. 1998.p86).
ترجمة و تصرف أ.د خياط خالد جامعة بسكرة الجزائر