يستخدم العديد من الباحثين والمؤلفين كلا من مصطلح “الإرشاد النفسي” و “العلاج النفسي” بشكل متلازم، فهناك الكثير من المؤلفات الشهيرة في المجال جاءت بعنوان “الإرشاد والعلاج والنفسي”، و “الإرشاد والعلاج الجمعي” و “الإرشاد والعلاج الأسري” وغيرها من العناوين التي تجمع المصطلحين معا. وهو ما يعني العلاقة الوطيدة بين المصطلحين والتقارب الكبير بينهما، مع تباينات معينة أدت إلى ضرورة استخدام المصطلحين معا دون الاكتفاء بأحدهما.
الاختلافات بين العلاج والإرشاد النفسيين
حاول بعض الباحثين تحديد الفروق بينهما وحدود كل واحد منهما. ويمكن حوصلة الفروق بينهما فيما يلي:
العلاج النفسي مباشرة يدل على وجود اضطراب نفسي، لذلك يتوجه العلاج نحو الشخصيات غير السوية، بينما يتوجه الإرشاد النفسي نحو الشخصيات السوية، حيث يقدم توجيهات لمساعدة الأشخاص العاديين على تجاوز صعوبات نفسية معينة. ورغم ذلك يمكن أن يتلقى المتعالج إرشادا نفسيا خلال العملية العلاجية، كما يمكن أن يتلقى المسترشد تدخلات ذات طابع علاجي خلال العملية الإرشادية.
العلاج النفسي عمل معمق يتوجه نحو العمل على التخلص من الاضطراب النفسي بإحداث تعديلات في الشخصية المضطربة للمتعالج، بينما الإرشاد النفسي عمل سطحي يتوجه نحو المساعدة في حل المشكلة التي يعانيها المسترشد عن طريق إرشادات تسعى لتطوير ذاته وقدراته.
يستخدم العلاج أساليبا تشخيصية تسعى إلى الفحص المعمق للشخصية والعودة إلى التاريخ الطفولي للمتعالج لاكتشاف الديناميات النفسية الفاعلة في حدوث الاضطراب، بينما يستخدم الإرشاد تقنيات تفحص مشكلة المسترشد في الحاضر وتبحث عن نقاط الضعف لتجاوزها ونقاط القوة لاستغلالها في مساعدة المسترشد على حل مشكلته.
يخضع العلاج النفسي لطبيعة التشخيص المت وصل إليه من خلال تحديد الأعراض الاضطرابية التي يتم كشفها بالأساليب الفحصية المباشرة أو الإسقاطية، بينما يخضع الإرشاد لنتائج التقييم المتوصل إليه حول مهارات وقدرات وميول ونقاط قوة وضعف وقصور المسترشد.
يمارس العلاج غالبا في العيادات النفسية والمشافي المتخصصة، بينما يمارس الإرشاد في مراكز الإرشاد والاستشارات والتدريب وفي المؤسسات التربوية والتعليمية والصحية والصناعية المختلفة. يتخصص العلاج – النفسي بالعمل مع المشكلات السلوكية والاضطرابات النفسية ويسعى إلى التخلص من مختلف العيوب والعوامل المرضية في السلوك أو الشخصية، أما موضوع الإرشاد النفسي فهو الت ركيز على الجوانب الإيجابية في شخصية وقدرات المسترشد ويسعى إلى اكتساب أو تطوير المهارات الشخصية اللازمة للتوافق وحل المشكلات وتطوير الذات.
أوجه الشبه والتداخل بين العلاج والإرشاد النفسيين
توجد أوجه شبه بين بعض جوانب العملية الإرشادية والعملية العلاجية، نذكر منها:
بناء وطبيعة العلاقة بين الفاحص والمفحوص متشابهة إن لم نقل متطابقة، فكل من الإرشاد والعلاج يحتاج إلى بناء علاقة مهنية مع المتعالج والمسترشد أساسها السرية والموضوعية من قبل الأخصائي والثقة في الأخصائي من قبل المفحوص والشعور بالأمان والاطمئنان معه.
يستخدم العلاج والإرشاد تقريبا نفس الأساليب الفحصية الأساسية في الغالب، مثل المقابلة والملاحظة والاختبارات النفسية ومختلف أساليب الفحص، مع تكييفها وفق متطلبات وأهداف كل منهما.
يستخدم العلاج والإرشاد تقريبا نفس أساليب التدخل لإحداث التعديلات والتحسينات المطلوبة لدى المفحوص، مع استخدامها وتوظيفها وفق مقتضيات وأهداف كل منهما. على سبيل المثال، يشغل إصغاء الفاحص حي ا ز كبي ا ر من وقت العملية العلاجية، بينما يشغل الشرح والتفسير وقتا أطول في العملية الإرشادية.
إجمالا، نحن نتفق مع كورسيني و ويدينغ (2000) في قولهما أن: الإرشاد والعلاج النفسي هما نفس النوعية؛ ويختلفان فقط كميا. لا يوجد فعل يقوم به المعالج النفساني ولا يقوم به المرشد. ويتشارك كل من المرشدين والمعالجين النفسانيين في نفس السلوكيات: الإصغاء، والأسئلة والتفسير والشرح والتوجيه وهلم جرا. ومع ذلك، غالبا ما يفعلون ذلك بنسب متباينة عن بعضهما البعض (Sommers & Sommers) .
أ.د خياط خالد – جامعة محمد خيضر بسكرة
محاضرات موجهة لطلبة ماستر 1 تخصص علم النفس العيادي